الإسلام فى مواجهة المشكلات الإنسانية

هل يملك الإسلام ما يمكن أن يساهم به اليوم فى مواجهة مشكلات الإنسانية..؟

طرح الشاعر محمد إقبال على نفسه هذا السؤال ..
وبعد دراسات دقيقة ومستفيضة سجلها فى كتابه "تجديد الفكر الديني فى الإسلام"
- كانت إجابته قوية وحاسمة ..

قال بلا تردد :
نعم تحتاج الإنسانية اليوم إلى ثلاثة أشياء يوفرها الإسلام ،
ولا نظير لها فى الحضارة الغربية ..
وهي:
١- تفسير الكون تفسيرًا روحيًّا..
٢- التحرّر الروحي للفرد..
٣- وضع قاعدة من المبادئ ...
لها دلالة عالمية لتوجيه تطور المجتمع الإنساني على أساس روحي ..

يقول إقبال:
" لا شك أن أوروبا الحديثة قد حاولت أقامة نظمٍ مثالية على هذه الأسس ..
ولكن بيّنت التجربة أن الحقيقة التي يكشفها العقل المحض ...
لا تستطيع أن تشعل جذوة الإيمان المتوقدة بالحياة ...
والتي يستطيع (الوحي) الديني وحده أن يؤجج نارها.."



وهذا هو السبب في أن الفكر المحض لم يؤثر في الناس إلا قليلًا ...
بينما الدين قد استطاع دائمًا أن يرقى بالأفراد ويبدّل مجتمعات بأكملها تبديلًا ..

إن مثالية أوروبا لم تكن على الإطلاق إحدى العوامل الحيوية المؤثرة في حياتها ،
وكانت النتيجة هي تلك الذات الضَّالة الفاسدة التي تبحث عن نفسها ...
بين أنظمة لا تعرف التسامح فيما بينها،
فانطلقت روح الصراع الضاري المدمّرة بين بلادها ..

أنظمة كانت وظيفتها الوحيدة هي استغلال الفقراء لصالح الأغنياء ..
وصدقوني إن أوروبا اليوم هي أكبر عائق يقف في طريق الرقي الأخلاقي للإنسان.

ونجد من ناحية أخرى ...
أن المسلم يمتلك الأفكار المطلقة المبنية على الوحي المنزل،
والتي تتحدث إلى الناس من الأعماق الجوانية للحياة،
وتؤثّر على ما هو برَّاني وظاهر لتجعل له أبعادًا جوانية ..

والأساس الروحي للحياة هو ...
مسألة إيمان يستطيع أقلنا استنارة أن يضحي من أجله بحياته بسهولة.

ولما كانت القاعدة الفكرية في الإسلام هي ...
أنه لا مزيد من الوحي للبشر بعد النبي محمد ولا رسالة بعده...
فإنه ينبغي أن نَكون من أكثر الشعوب تحررًا روحيًا على وجه الأرض.

والمسلمون الأوائل ...
الذين خرجوا من العبودية الروحية في آسيا الجاهلية (آسيا ما قبل الإسلام) ...
لم يكونوا في وضع يجعلهم يدركون مغزى هذه القاعدة الفكرية ..

فليقدَّر المسلم اليوم موقفه ...
وليجدد بناء حياته الاجتماعية في ضوء هذه المبادئ المطلقة..
ولْيُطَوِّر من أهداف الإسلام التي تكشفت حتى الآن بشكل جزئي؛

[وأقصد] ...
الديمقراطية الروحية التي هي الهدف النهائي للمجتمع الإسلامي..